وصل إلى القاهرة مساء أمس الجمعة وفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برئاسة موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة قادما من سوريا في زيارة لمصر تستغرق يومين. وفيما أكدت حماس حرصها على المصالحة الفلسطينية فإن مصادر تحدثت عن إمكانية تأجيل اتفاق المصالحة المقرر التوقيع عليه بالقاهرة أواخر الشهر الجاري.
وأكد المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري أن حركته لم تتراجع عن موقفها من الحوار الوطني الفلسطيني أو عن التزاماتها السابقة مع المسؤولين المصريين، لكنه أشار إلى أنّ تداعيات تأجيل النظر في تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الخاص بالحرب الإسرائيلية ضد غزة يلقي بظلال كثيفة على آفاق الحوار.
وقال أبو زهري "نؤكد تمسكنا بالحوار وكل التفاهمات التي توصلنا إليها مع المسؤولين المصريين لإبرام اتفاق المصالحة، ولا تراجع عن هذا الموقف، والحديث الذي يجري الآن حول عدم ملاءمة الظروف الحالية لعقد لقاءات مع أشخاص تورّطوا مع الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني".
وقلّل أبو زهري من أهمية حديث السلطة الفلسطينية عن محاولة إعادة طرح تقرير غولدستون على مجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في حربها على غزة.
وقال المتحدث "إنّ حديث سلطة رام الله عن سعيهم لإعادة عقد مجلس حقوق الإنسان هو عمل سخيف، لأنّ السلطة عملياً أجهضت أي إمكانية لرفع تقرير غولدستون إلى الجهات المعنية".
واعتبر أبو زهري الاتهامات التي يكيلها بعض قادة السلطة وحركة التحرير الوطني (فتح) لحركة حماس بأنها ضخّمت من انتقاداتها لموقف السلطة من تقرير غولدستون؛ بأنه محاولة للهروب من تحمّل المسؤولية. وقال إن حركته هي مجرد طرف من عشرات الأطراف التي أدانت موقف السلطة. وأضاف أنه "حتى لو جرت لقاءات بيننا وبين فتح؛ فإنّ هذا لن يمسح العار الذي لحق بفتح والسلطة".
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب قال إن أي إرجاء لمحادثات المصالحة سيكون "خطأ". واتهم الرجوب حماس باستخدام النزاع حول تقرير غزة كذريعة لنسف اتفاق للوحدة الفلسطينية. وأكد الرجوب أن فتح حريصة على الحوار، داعيا حركة حماس إلى وقف ما سماه "التحريض" على الرئيس الفلسطيني.
البردويل: تصرفات عباس حيال تقرير غولدستون سممت الأجواء (الجزيرة-أرشيف)
تسميم الأجواء
وفي السياق ذاته أكد القيادي في حماس صلاح البردويل أن وفد الحركة يصل إلى القاهرة من أجل إقناعها بجدوى تأجيل المصالحة لأن الظروف الحالية في ظل الثورة النفسية التي تركها تصرف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أفضى لسحب مناقشة تقرير غولدستون لا تزال تسمم الأجواء، حسب تعبيره.
وشدد البردويل على أن حماس حريصة على المصالحة وتريد الوصول إليها في ظل ظروف إيجابية وواضحة لضمان نجاح هذه المصالحة وعدم فشلها كما فشلت المصالحة التي جرت في مكة عام 2007.
وكان مقررا عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية في مقدمتها فتح وحماس بالقاهرة في الفترة من 24 إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول الحالي لتوقيع اتفاق يتوج أكثر من عام من الجهد الدبلوماسي لمسؤولين مصريين سعوا لرأب الصدع في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية. ورفض وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط في تصريحات سابقة فكرة تأجيل التوقيع.
وفي وقت سابق طالب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية قيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية باتخاذ "إجراءات سريعة وعاجلة" من أجل "استعادة حيوية" المصالحة الوطنية الفلسطينية التي ترعاها السلطات المصرية.
وقال هنية في تصريح صحفي عقب صلاة الجمعة إن المصالحة "قرار وطني وإستراتيجية لا رجعة عنها"، لكنه اعتبر أن على "القيادة في رام الله أن تتخذ إجراءات سريعة حول هذا الموضوع".
وكان حشد غاضب تجمع في غزة يوم الأربعاء ورشق صورة لعباس بالأحذية واتهمه بالخيانة، ولكن أنصار حركة فتح اتهموا حماس بتأجيج الشعور الشعبي ضد أكبر خصم سياسي لها. وفي شأن طلب تأجيل التصويت في مجلس حقوق الإنسان تكافح فتح الآن لتصحيح ما اعترف مساعدون لعباس بأنه كان "خطأ دبلوماسيا".